كشفت وزارة الخارجية الإيطالية، في تقرير دوري جديد ضمن سلسلة “أخبار الأسواق الخارجية”، عن خمسة أسباب رئيسية تجعل الجزائر إحدى أهم الوجهات الاستثمارية الواعدة للشركات الإيطالية، مؤكدة أن السوق الجزائرية تشهد تحولاً اقتصادياً يوفر فرصاً “ثمينة واستراتيجية” في عدد من القطاعات الحيوية.

وأوضح التقرير أن العلاقات الثنائية الممتازة بين الجزائر وإيطاليا تشكل أولى نقاط القوة الدافعة نحو تعزيز التعاون الاقتصادي، حيث تتميز الشراكة بين البلدين بعمق استراتيجي يمتد من التعاون الطاقوي إلى الأمن ومكافحة الإرهاب. وأبرزت الوثيقة أن إيطاليا تحظى بثقة كبيرة لدى الجزائر بفضل تاريخ طويل من التعاون السياسي والاقتصادي رفيع المستوى، تدعّم بزيارات رسمية، آخرها زيارة الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا إلى الجزائر في نوفمبر 2021.

أشار التقرير إلى أن القرب الجغرافي والربط الجيد بين البلدين يمنح الشركات الإيطالية ميزة تنافسية في الوصول السريع والآمن إلى السوق الجزائرية، التي تعد أكبر دولة إفريقية من حيث المساحة، ما يوفر فرصاً واسعة للتوزيع والاستثمار.

أما ثالث الأسباب، فيتعلق بـ حجم السوق الوطنية، إذ تضم الجزائر أكثر من 47 مليون مستهلك، نصفهم من الشباب، ما يجعلها واحدة من أكثر الأسواق ديناميكية في شمال إفريقيا وقادرة على استيعاب المنتجات والخدمات والتقنيات الأوروبية.

أكدت الوثيقة أن الجزائر دخلت فعليًا في مسار تنويع اقتصادي واسع خارج قطاع المحروقات، من خلال تطوير قطاعات الصناعة والفلاحة والصناعات الغذائية والميكانيك والخدمات والسياحة والطاقات المتجددة، وهي مجالات تمتلك فيها الشركات الإيطالية خبرة كبيرة يمكن أن تعزز الشراكات الصناعية والاستثمارية.

وركّز التقرير أيضاً على الامتيازات الطاقوية التي تقدمها الجزائر للمستثمرين، وفي مقدمتها انخفاض أسعار الطاقة بفضل سياسة الدعم الاجتماعي وتوفر الغاز بأسعار تنافسية، إلى جانب توفر المواد الأولية، وهو ما يمنح البلاد أفضلية مقارنة بعدة دول إفريقية ومتوسطية.

وفي سياق متصل، أوضحت الخارجية الإيطالية أن الجزائر بدأت بالفعل خطوات مهمة في مسار الانتقال الطاقوي منذ إنشاء وزارة خاصة بالطاقات المتجددة عام 2020، مع توفر إمكانات هائلة في الطاقة الشمسية والريحية، ما يجعلها شريكاً مثالياً لإيطاليا في مشاريع الطاقة النظيفة.

وكشف التقرير، استنادًا إلى بيانات المرصد الاقتصادي الإيطالي المحيّنة بتاريخ 13 أكتوبر 2025، أن حجم المبادلات التجارية بين الجزائر وإيطاليا بلغ 6.941 مليار يورو خلال النصف الأول من 2025، مما يعكس استمرارية الطابع الاستراتيجي للتعاملات بين البلدين. وتحتفظ إيطاليا بمرتبة الزبون الأول للجزائر بـ26% من صادراتها، كما تأتي في المركز الثالث كممون للسوق الوطنية بحصة 6.6%.

ويشير المصدر إلى أن الغاز الطبيعي يمثل 84.3% من الواردات الإيطالية من الجزائر خلال الفترة ذاتها، فيما تتصدر التجهيزات الصناعية والآلات قائمة الصادرات الإيطالية نحو الجزائر، بقيمة إجمالية بلغت 1.454 مليار يورو.

ويختتم التقرير بالتأكيد على أن الجزائر، بفضل إمكاناتها الطبيعية وسوقها الواسعة وبرامجها الإصلاحية، تمثل اليوم “فرصة استراتيجية” للشركات الإيطالية الراغبة في الاستثمار في قطاعات الفلاحة، والسياحة، والميكانيك، والطاقات المتجددة، والصناعة التحويلية.

فاطمة الزهراء سعدالدين لإذاعة الجزائر الدولية ،روما