يواصل المؤرخ الدكتور محمد الأمين بلغيث حواراته واستنطاقه لموروثنا الثقافي والعلمي في حياض اخبار اسلافنا بالغرب الإسلامي والاندلس خاصة....
وحديثه اليوم في هذا العدد كان عن البيمارستان " المستشفيات " بالأندلس...ونظام صحي عالمي.
وفي هذا الصدد يضعنا الدكتور بلغيت أمام قصة تحكي ازدهار هذا القطاع، يقول فيها :
هذه رسالة لشاب فرنسي تمت معالجته في مستشفى قرطبة إبان الحكم الاسلامي في الأندلس، أرسلها لوالده في باريس قبل حوالي ألف سنة حسب مؤرخين فرنسيين.
و هذا هو نص الرسالة :
والدي العزيز: لقد ذكرت في رسالتك بأنك سوف تبعث لي بعض النقود كي أستعين بها في علاجي ، لكني لا أحتاج إلى النقود مطلقا؛ لأن المعالجة في هذا المستشفى الإسلامي مجانية ، بل إن المستشفى يدفع إلى كل مريض تماثل للشفاء مبلغ ٥ دنانير، وملابس جديدة حين يغادر المستشفى؛ كي لا يضطر إلى العمل في فترة النقاهة.
والدي العزيز : لو تفضلت وجئت لزيارتي فسوف تجدني في قسم الجراحة ومعالجة المفاصل ، وسوف تشاهد بجانب غرفتي مكتبة ، وصالون للمطالعة والمحاضرات ، حيث يجتمع الأطباء فيه يوميا للاستماع إلى محاضرات الأساتذة .
أما قسم الأمراض النسائية فيقع في الجانب الثاني من ساحة المستشفى ولا يسمح للرجال أن يدخلوا إليه ، وفي الجهة اليمنى من الساحة تجد صالونا كبيرا مخصصا للمرضى الذين تماثلوا للشفاء؛ حيث يقضون فيه فترة النقاهة، ويحتوي الصالون على مكتبة خاصة وآلات موسيقية.
والدي العزيز : إن كل نقطة وكل مكان في هذا المستشفى غاية في النظافة ، فالفراش والوسادة التي تنام عليها مغلفة بقماش دمشقي أبيض، أما الأغطية فمصنوعة من المخمل الناعم اللطيف .
جميع غرف المستشفى مزودة بالماء النقي الذي يصل إليها بواسطة أنابيب خاصة وفي كل غرفة مدفأة لأيام الشتاء .
أما الطعام فهو من لحم الدجاج والخضار، حتى أن بعض المرضى لا يريدون مغادرة المستشفى طمعا بالطعام اللذيذ .
المصدر : التفوق العلمي في الإسلام لأمير جعفر الأرشدي.
التمثال للطبيب الجراح القرطبي محمد بن أسلم الغافقي.